قراءة في نص : ضحكت و ضحك ظلي معي // كاظم الشويلي // عايده بدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ القراءة // عايده بدر
ضحكت و ضحك ظلى معى
عنوان زاخر بكل ما سيأتى فى النص من تفاصيل
ضحكت من نفسى و غربتى عن واقعى و كأن هذا لسان حال البطل:
".... انفصل عني ظلي ........... نعم انفصل وصرنا اثنين , أصبت بالدهشة و الحيرة .....
وهل ينفصل ظل الإنسان عنه ؟!! نعم : ينفصل أو يتواري في حالة الظلام و يختفي و هو داخل البنايات , لكن الذي حدث في تلك الظهيرة أثار عجبي و اندهاشي , لم اسمع و لم أر أن ظل الإنسان ينفصل عن صاحبه "
و على نفس الوتيرة نرى البطل محدثا نفسه : حين إنفصل ظلى عنى كنت أنا أيضا منفصل عن عالمى الكبير ،، أعيش داخل نفسى ،، مالي و الدنيا و ما يجري فيها ،، صامت مكتفى باللافعل دائما: " منذ ولادتي و أنا صامت , أحيا في دهاليز من الصمت .
سألته مستغربا :
- و ماذا حدث حتى تتركني أيها الظل العزيز دون وداع ؟ أنا لم اخدش مشاعر أي مخلوق في الدنيا, عد لرشدك .....
مد يده اليسرى و اتكأ بها على شجرة رمان فارعة الطول و طفق يحدثني بأسى , و نشيجه يرتفع كطفل بريء : -
- مللتك , كرهتك ......... أنا يا سيدي ثورة , و هدير أمواج ثورتي تجرفني للتمرد عليك, , أنا لا ادعي ذلك عبثا أو غرورا فأنا أحمل هما يكبر عمري بعشرات العصور , أنت خاو يا سيدي لا أسمع منك سوى عويل الرياح و صمت الأموات ......"
لذلك كان الإستغراب من إنفصال الظل عن البطل ليس من الفعل نفسه
هو إستغراب فقط مما يحدث بدليل أن البطل إستكمل رحلته مع ظله حتى النهاية ،
و فى منولوج ثائر نرى البطل و قد تنحى للظل عن دوره ليتخذ مقعد المستمع
و يصبح الظل هنا هو سيد الموقف ،، حين يواجه البطل بحقيقته و يقدم له مبرارت إنفصاله عنه :"ثم توقف الظل عن الحركة و اطرق برأسه إلى الأرض فرأيت دموعه تتساقط لتنبت في الأرض سنابل وورودا ثم انشأ يقول بهمس و كأنه يحدثني شعرا : -
- من يعزف لي على أوتار الثورة ؟ من يرتل لي موشحات الفتوحات الأولى فتطرب الدنيا من حولي و تفوح صدى الأغنيات , و كأنني أصغي لضحكة الجبل و دندنة السماء , و المح رقصة الوادي و ابتسامة الحياة ؟ والجرح الأندلسي مازال ينزف في صدري و قرطبة و غرناطة ما زالتا تغوران في الأفول , دعني أصغ لتغريد البلابل , دعني ارسم أمنياتي على بياض الثلج و استنشق عبير الورود و اسأل النرجس و السوسن عن سر خجله و نسيم الصباح عن سر عذوبته ,
ثم قفز ظلي الى غصن الشجرة ممسكا بيديه ويلوح بقدميه ، قائلا :
- دعني انطلق و اكتشف أسرار ثورتي العارمة , ها أنا ذقت طعم الحرية , سأخلع عن رقبتي طوق الذل المكسور , و ارفع في سماء ثورتي قصورا من ياقوت و لولؤ و محار لكل فقراء الله , وسأنطلق أعدو نحو مملكة الرجال مترنما بأناشيد الحب
."
ثم تأتى خاتمة القصة فى شكل مفارقة قوية يوظفها الكاتب بطريقة رائعة حين يتحول الظل سيد الموقف الى أداة لإيقاظ البطل الغافل عما يدور حوله و أن تشكل فى صورة الماء الذى يفيق به الغائب عن الوعى ،، فقد كان قبلا الضمير المحاسب للبطل على تخاذله و تقاعسه عن المشاركة فيما يدور حوله من مشاغل الحياة و أمورها :
"تحول فجأة إلى سطل أحمر ... و رشقني بما يحمله من ماء ... صرخت ... ابتل جسدي ... ارتعشت ... فتحت عيوني .....
وجدت نفسي مازلت أمام الشارع المؤدي إلى دارنا و في تلك الظهيرة القاسية , متمددا على الشارع الإسفلتي بعد أن ضربتني الشمس بحرارتها و قد تجمع الناس من حولي ورشقوني بسطل ماء احمر "
حوار قصير يدور بين المتجمعين حول البطل نكتشف من خلاله نظرة المجتمع لمن يفكر فى مناقشة أحوال مجتمعه "إنها ضربة شمس قوية " و كان من يفكر بمعالجة أمور مجتمعه فى نظر البعض مصاب و يجب معالجته ،، و هنا كانت الإفاقة من الهذيان "شتم الحكومة"/ " شتم المعارضة" فإعمال الفكر نفسه هو القضية بغض النظر عن الفعل ،،، أن يستوى عند البعض مناهضة الحكومة و مناهضة المعارضه فالأمر خطير ،،، هنا تصبح محاكمة الفكر هى القضية :
و سمعت لغطا و أحاديث متناثرة : -
- اخبروا زوجته ... أمه ...
- كفى ... لا ترشوا عليه الماء فهذا السطل الثالث ...
- يبدو انه فاق من الإغماء .....
- إنها ضربة شمس قوية ... آب اللهاب .. يدق المسمار بالباب ...
- كان يهذي ... و ياله من هذيان يكسر الرقاب .... لقد شتم الحكومة ...
- لالا ... انه شتم المعارضة .......
نهاية القصة و قد أفاق البطل ليبحث عن ظله الذى فقده للحظات معدودة فيجده بقربه يضحك منه أو ربما عليه و على أحواله :
"استيقظت من الإغماء و عندما فتحت عيوني , بحثت عن ظلي ... وجدته بقربي , وانا مازلت بين ازقة بغداد الحبيبة ، ضحكت و ضحك معي ظلي .......... "
بعد إستعراض حياة البطل فى لحظات فقده لظله ،،،فهل ستتغير نظرة البطل الى حياته السابقة؟؟ هل من جديد سيطرأ على حياته؟؟
ربما يتحول البطل إلى أحد الثوار !!! أو ربما يكتفى بتلك اللحظات
التى دارت بينه و بين ظله /ضميره ... هذا ما تركه لنا الكاتب
لنصنع نحن النهاية كما تترآى لنا و حسبما تتفق و شخصياتنا .
أنا شخصيا أميل إلى النهايات المفتوحة فهى تعطى بارقة أمل بالتغيير
أسلوب سردى ممتع كادت التفاصيل الشديدة أن تميل به فى اتجاه مضاد
لكن ما يحسب لك هنا وجوب خلق خلفية واضحة للمتلقى كى يستطيع ربط الاحداث فغرابة فكرة إنفصال الظل ربما كانت توقع القارىء فى حيرة
لكن تتابع الاحداث دون ملل حال دون ذلك .
ربما كانت اللغة فى أغلب المشهد تميل نحو الشاعرية لكن ذلك لم يقلل من قيمة النص ،، بل أعطاه تميزا واضحاً .
تأتى المفارقة فى النهاية و هى معالجة بشكل رائع أجدت فيها و فى الربط بينها و بين البداية فمن بعد الثورة الداخلية يمضى البطل و ظله يضحكان سويا ً.
شذرات كثيرة من هنا و هناك لأحوالنا السياسية و الإجتماعية و لكن ما لفت نظرى هنا استشهاد البطل/ الظل / الضمير بما حدث قديما فى الاندلس و غرناطة رغم أن الجرح الأقرب ماثل أمامه و حوله فى بلاده هو شخصيا و فيما حوله ليس ببعيد .
/
عايده
ضحكت من نفسى و غربتى عن واقعى و كأن هذا لسان حال البطل:
".... انفصل عني ظلي ........... نعم انفصل وصرنا اثنين , أصبت بالدهشة و الحيرة .....
وهل ينفصل ظل الإنسان عنه ؟!! نعم : ينفصل أو يتواري في حالة الظلام و يختفي و هو داخل البنايات , لكن الذي حدث في تلك الظهيرة أثار عجبي و اندهاشي , لم اسمع و لم أر أن ظل الإنسان ينفصل عن صاحبه "
و على نفس الوتيرة نرى البطل محدثا نفسه : حين إنفصل ظلى عنى كنت أنا أيضا منفصل عن عالمى الكبير ،، أعيش داخل نفسى ،، مالي و الدنيا و ما يجري فيها ،، صامت مكتفى باللافعل دائما: " منذ ولادتي و أنا صامت , أحيا في دهاليز من الصمت .
سألته مستغربا :
- و ماذا حدث حتى تتركني أيها الظل العزيز دون وداع ؟ أنا لم اخدش مشاعر أي مخلوق في الدنيا, عد لرشدك .....
مد يده اليسرى و اتكأ بها على شجرة رمان فارعة الطول و طفق يحدثني بأسى , و نشيجه يرتفع كطفل بريء : -
- مللتك , كرهتك ......... أنا يا سيدي ثورة , و هدير أمواج ثورتي تجرفني للتمرد عليك, , أنا لا ادعي ذلك عبثا أو غرورا فأنا أحمل هما يكبر عمري بعشرات العصور , أنت خاو يا سيدي لا أسمع منك سوى عويل الرياح و صمت الأموات ......"
لذلك كان الإستغراب من إنفصال الظل عن البطل ليس من الفعل نفسه
هو إستغراب فقط مما يحدث بدليل أن البطل إستكمل رحلته مع ظله حتى النهاية ،
و فى منولوج ثائر نرى البطل و قد تنحى للظل عن دوره ليتخذ مقعد المستمع
و يصبح الظل هنا هو سيد الموقف ،، حين يواجه البطل بحقيقته و يقدم له مبرارت إنفصاله عنه :"ثم توقف الظل عن الحركة و اطرق برأسه إلى الأرض فرأيت دموعه تتساقط لتنبت في الأرض سنابل وورودا ثم انشأ يقول بهمس و كأنه يحدثني شعرا : -
- من يعزف لي على أوتار الثورة ؟ من يرتل لي موشحات الفتوحات الأولى فتطرب الدنيا من حولي و تفوح صدى الأغنيات , و كأنني أصغي لضحكة الجبل و دندنة السماء , و المح رقصة الوادي و ابتسامة الحياة ؟ والجرح الأندلسي مازال ينزف في صدري و قرطبة و غرناطة ما زالتا تغوران في الأفول , دعني أصغ لتغريد البلابل , دعني ارسم أمنياتي على بياض الثلج و استنشق عبير الورود و اسأل النرجس و السوسن عن سر خجله و نسيم الصباح عن سر عذوبته ,
ثم قفز ظلي الى غصن الشجرة ممسكا بيديه ويلوح بقدميه ، قائلا :
- دعني انطلق و اكتشف أسرار ثورتي العارمة , ها أنا ذقت طعم الحرية , سأخلع عن رقبتي طوق الذل المكسور , و ارفع في سماء ثورتي قصورا من ياقوت و لولؤ و محار لكل فقراء الله , وسأنطلق أعدو نحو مملكة الرجال مترنما بأناشيد الحب
."
ثم تأتى خاتمة القصة فى شكل مفارقة قوية يوظفها الكاتب بطريقة رائعة حين يتحول الظل سيد الموقف الى أداة لإيقاظ البطل الغافل عما يدور حوله و أن تشكل فى صورة الماء الذى يفيق به الغائب عن الوعى ،، فقد كان قبلا الضمير المحاسب للبطل على تخاذله و تقاعسه عن المشاركة فيما يدور حوله من مشاغل الحياة و أمورها :
"تحول فجأة إلى سطل أحمر ... و رشقني بما يحمله من ماء ... صرخت ... ابتل جسدي ... ارتعشت ... فتحت عيوني .....
وجدت نفسي مازلت أمام الشارع المؤدي إلى دارنا و في تلك الظهيرة القاسية , متمددا على الشارع الإسفلتي بعد أن ضربتني الشمس بحرارتها و قد تجمع الناس من حولي ورشقوني بسطل ماء احمر "
حوار قصير يدور بين المتجمعين حول البطل نكتشف من خلاله نظرة المجتمع لمن يفكر فى مناقشة أحوال مجتمعه "إنها ضربة شمس قوية " و كان من يفكر بمعالجة أمور مجتمعه فى نظر البعض مصاب و يجب معالجته ،، و هنا كانت الإفاقة من الهذيان "شتم الحكومة"/ " شتم المعارضة" فإعمال الفكر نفسه هو القضية بغض النظر عن الفعل ،،، أن يستوى عند البعض مناهضة الحكومة و مناهضة المعارضه فالأمر خطير ،،، هنا تصبح محاكمة الفكر هى القضية :
و سمعت لغطا و أحاديث متناثرة : -
- اخبروا زوجته ... أمه ...
- كفى ... لا ترشوا عليه الماء فهذا السطل الثالث ...
- يبدو انه فاق من الإغماء .....
- إنها ضربة شمس قوية ... آب اللهاب .. يدق المسمار بالباب ...
- كان يهذي ... و ياله من هذيان يكسر الرقاب .... لقد شتم الحكومة ...
- لالا ... انه شتم المعارضة .......
نهاية القصة و قد أفاق البطل ليبحث عن ظله الذى فقده للحظات معدودة فيجده بقربه يضحك منه أو ربما عليه و على أحواله :
"استيقظت من الإغماء و عندما فتحت عيوني , بحثت عن ظلي ... وجدته بقربي , وانا مازلت بين ازقة بغداد الحبيبة ، ضحكت و ضحك معي ظلي .......... "
بعد إستعراض حياة البطل فى لحظات فقده لظله ،،،فهل ستتغير نظرة البطل الى حياته السابقة؟؟ هل من جديد سيطرأ على حياته؟؟
ربما يتحول البطل إلى أحد الثوار !!! أو ربما يكتفى بتلك اللحظات
التى دارت بينه و بين ظله /ضميره ... هذا ما تركه لنا الكاتب
لنصنع نحن النهاية كما تترآى لنا و حسبما تتفق و شخصياتنا .
أنا شخصيا أميل إلى النهايات المفتوحة فهى تعطى بارقة أمل بالتغيير
أسلوب سردى ممتع كادت التفاصيل الشديدة أن تميل به فى اتجاه مضاد
لكن ما يحسب لك هنا وجوب خلق خلفية واضحة للمتلقى كى يستطيع ربط الاحداث فغرابة فكرة إنفصال الظل ربما كانت توقع القارىء فى حيرة
لكن تتابع الاحداث دون ملل حال دون ذلك .
ربما كانت اللغة فى أغلب المشهد تميل نحو الشاعرية لكن ذلك لم يقلل من قيمة النص ،، بل أعطاه تميزا واضحاً .
تأتى المفارقة فى النهاية و هى معالجة بشكل رائع أجدت فيها و فى الربط بينها و بين البداية فمن بعد الثورة الداخلية يمضى البطل و ظله يضحكان سويا ً.
شذرات كثيرة من هنا و هناك لأحوالنا السياسية و الإجتماعية و لكن ما لفت نظرى هنا استشهاد البطل/ الظل / الضمير بما حدث قديما فى الاندلس و غرناطة رغم أن الجرح الأقرب ماثل أمامه و حوله فى بلاده هو شخصيا و فيما حوله ليس ببعيد .
/
عايده
9 /10 / 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق