قراءة في نص (آدم وحواء) للمبدعة منجية المرابط / عايده بدر
آدم وحواء
ثمّ استيقظا من نومهما..
وقد بلغا من الكبر عتيّا،
يبحثان بين سهول الأرض وهضابها عن ذرّيتهما..
يئسا فقعدا قرب الوادي يصنعان أطفالاً من طين،
وبقيا ينتظران يد الله، فنُفخ في الصّور !
منجية المرابط
*************************
](آدم وحواء) لعل المقصود بهما بالفعل هما (آدم وحواء) أبوي البشر وهنا كأنهما ينظران إلى ذريتهما وقد اعتلاهما الذهول .. ولعل المقصود منهما أيضا الإشارة إلى البشرية (ذرية آدم وحواء)
(ثمّ استيقظا من نومهما) الغفلة التي أصابت البشرية والعالم لعقود طويلة لهثت فيها البشرية خلف خيالات وأوهام
(بلغا من الكبر عتيا) توحي بقِدم التجربة البشرية على الأرض
(يبحثان بين سهول الأرض وهضابها عن ذرّيتهما) والبحث عن ذرية هي موجودة بالقوة لكنها ليست موجودة بالفعل كما يقول المناطقة فإن وجودهم حاضر كعدد سكاني يمكن احصائه لكن وجودهم الحقيقي الفعلي الذي وجدوا من أجله لم يحدث أو أقلا فإن حدوثه لم يترك الأثر المطلوب من خلقهم من البداية
ولعل هذا الأمر هو ما جعل (آدم وحواء) يصلا لمرحلة اليأس (يئسا) من إصلاح هذه الذرية/البشرية
(فقعدا قرب الوادي يصنعان أطفالاً من طين،) هنا انقلبت الآية لأن المصنوع يحاول ان يكون هو الصانع .. هل يكررا تجربة الخالق في صنع مخلوقات جديدة؟ هل توافر المادة(الطين) يكفي لتكرار صنع اطفالا جديدة ؟ قبل أن يأخذنا الفكر إلى اتجاه بعيد تأتي عبارة (وبقيا ينتظران يد الله،) لأنهما يدركان جيداً أنهما كمخلوقين بشريين مهما توافرت لهما كل عناصر النجاح فإن ارادة الله فوق كل إرادة و(يد الله) هنا تظهر الشعور بالانتظار والأمل والترقب في رحمة الله
(فنُفخ في الصّور ) الختمة كم كانت مذهلة وقوية وحقيقية رغم أنها فاجأتنا ربما لشدة واقعيتها .. الانسان يظل في سعيه الدؤوب لا ينتبه لمضي الوقت والعمر .. ربما ينتبه من غفلته في الوقت الضائع وبعد فوات الأوان .. ونفخ الصور هو قيامة العباد وانتهاء السعي وانتظار النتيجة والقيامة من الغفلة التي لم ينتبهوا لها وهنا يكون المقصد من (آدم وحواء) في العنوان هو كما ذكرنا قبلاًُ (البشرية)
وبنفخة الصور تنتهي الحكايا وتنتهي دورة الأرض ويصبح لا مكان للغفوة واستيقاظ دائم أبدي
؛
نص من روائع النصوص قيمة ومضمونا
لغة عالية قوية وبناء رائع متين وختمة صادمة
والرمز فيه عالياً يشد قارئه ويجبره على الدخول في عمق النص
استحضار الرموز الدينية والخلفية الدينية التي دارت فيها أحداث النص
واسقاطه على كثير من احداث وقتنا الحاضر وقضايا الإنسان المعاصر
منحته بعداً أعمق وأكثر ثراءً
كل التقدير
عايده بدر
13-5-2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق