فرااااااغ

فرااااااغ

الجمعة، 20 يناير 2012

قراءة في نص " المبروك " / محمد خطاب / عايده بدر






قراءة في نص مسرحية -المبروك-







نص مسرحي قوي و حبكة مسرحية جيدة جدا
اعتمدت فكرة المسرحية من بدايتها على فكرة المخلص و المنقذ للبشرية و هي فكرة سائدة عند كل الشعوب و عبرت عنها في كثير من أعمالها الأدبية ،،، دائما هناك المخلص الذي يستطيع تخليص البشر من عذاباتهم و هو من يلجئون إليه ليجد لهم حلاً لمشاكلهم الكثيرة .

دائما ما ارتبطت فكرة الولي أو المنقذ أو الشيخ صاحب الكرامات ببعض السمات الشخصية التي تضيف ابعادا أخرى لتصور لنا شخصية هذا الولي كالملابس الرثة أو الشكل غير المتناسق أو أن تصاحبه عاهة معينة أو أن تقع أحداث غريبة عن المعتاد في وقت ظهوره ،،، و كانت شخصية البطل هنا مهيئة تماما لتنفيذ فكرة الولي .

البطل هنا طفل منتظر لم يات بعد ،، ينتظره أب حرم من الذرية مدة من الزمن و من فرط حبه و اشتياقه لوجود إبن له يطلق اسما على مولوده الذي كان في علم الغيب و يطلب من الجميع مناداته بهذا اللقب الذي اختاره،،بل و يطلق اسمه مسبقاً على مكان عمله .

تحين اللحظة المناسبة و يأتي الفرج باقتراب ولادة هذا الطفل في الوقت الذي يتنبا فيه أحد الدراويش باقتراب ظهور الولي و الذي سينقذ الجميع من محنهم و سيمد يد العون للمحتاج في نفس الوقت يولد هذا الطفل المنتظر .

يأتي الطفل بعد طول غياب يتيما بعد وفاة الأم ثم القابلة و تغير أحوال الجميع تحول الأب الغني إلى فقير و سلسلة من الأحداث الغريبة التي تقع لأهل الحي لننتقل فيما بعد لنشاهد الطفل شابا ينفر منه الجميع و يتشأمون منه و يدعونه بالنحس.

تبدأ حكاية الولي بمجرد لعبة و استهزاء يفتعله زملاء البطل في المدرسة ليتحول الكذب و اللعبة الى حقيقة و أمر واقع فيما بعد حين يلتف الجميع حول البطل و يضيقون عليه الخناق ،، فيضيق بهم و يقرر الانتحار و لولا أنه أنقذ من فعلته لما قام للأمر قائمة ،،، فها هو يصبح حقا ولياً يشار إليه و إلى كراماته و يذيع صيته و يتقرب منه جميع من كانوا ينفرون منه من قبل .

في خضم كل هذه الاحداث يكتشف البطل مدى تفكك المجتمع من حوله لقد تحول الجميع الى ذئاب كل يبحث عما يستطيع الوصول اليه و لو على اكتاف البسطاء و على حسابهم ،،، و البسطاء في المقابل لا هم لهم سوى أن يظهر بينهم من يقدم لهم الحلول السريعة الجاهزة لا يودون التفكير بعمق في مشاكلهم و لا يهمهم البحث عن حل لها طالما هناك من يقدم لهم الحل باشارة او بتعويذة او بمجرد الرضا عنهم ،،، فجأة تكالبت المصالح للجميع مصلحة في استمرار مثل هذا الخداع ،، الكل يدرك أنه خداع و لكنها المصالح المشتركة هي من تحركهم ،، لا يتحمل البطل كل هذا الخداع و النفاق يصرخ بأعلى صوت و لكن ما من مجيب فقد تعالت أصوات النفاق و الخداع فوق صوت الحق ليسقط في وسطهم غير عابئين به طالما لا احد يمس حلمهم بوجود الولي .


--الشخصيات في المسرحية مرسومة بعناية و دقة و قد ابرزت الخلفية الاجتماعية التي تمهد لظهور فكرة الولي / البطل ،،، و كذلك البيئة المحيطة به في أحد الأحياء البسيطة حيث يفتقر الأغلبية من سكان هذا الحي للمعرفة و الثقافة و أغلبهم من البسطاء الذين يلتفون حول الظواهر الغريبة و من السهل اقناعهم بمثل تلك الأمور الغيبية .

--في أحد المشاهد أجريت الشعر على لسان أحد الشخصيات " أبو سيد " و كان الشعر هنا باللغة العربية الفصحى :
عَجِبتُ مِنَ الأَيَّامِ كَيـفَ تَقَلَّبَـت *** بِنا فَتَفَرَّقنـا كَـأَن لَـم نُجَمَّـعِ
عَباديدُ شَتَّى مِثلَ مَا نَثَـرَ الأَسَـى *** فَرَائِد مِن دَمـعِ الفُـؤَادِ المُفَجَّـعِ
عِدُونِي فَإِن لَم تُنجِزوا رُبَّ مَوعِـدٍ *** شَفَا غُلَّتِي مِنكُم وَإِن خَابَ مَطمَعِي
عَلَى الدَّهرُ أَيْمان بِأَن لا يُرَى لَنـا *** شَتَـاتٌ وَأَبعَـادٌ

فكان من غير المنطقي أن تتحدث مثل هذه الشخصية بهذا الشعر الفصيح خاصة و أنك لم تمهد قبلا عن اختلاف ثقافة هذه الشخصية عن غيرها من سكان نفس الحي الذي تقع فيه أحداثنا ،،، و ربما لأن الهجة العامية هى اللغة المعتمدة للمسرحية هنا فكان لدخول أبيات عربية فصيحة عليها وقعا غير ملائم كنت أفكر لو أنك أجريت على لسانه أحد المواويل الحزينة الشهيرة

--اللغة كذلك تحتاج إلى بعض الإهتمام حتى و إن كانت لهجة عامية محلية فإنها تحتاج إلى بعذ الضبط حتى تكتمل لوحتك الرائعة .

--جاءت الأحداث سلسة و منطقية فتركيبة المشاهد غير مفتعلة و كانت الشخصيات موظفة بطريقة جيدة بحيث أدت كل شخصية ما لها في البناء الدرامي للحدث ربما فقط هناك شخصية الدرويش:
كانت شخصية الدرويش و هي تمثل هنا المعلق على الاحداث جاء الحديث على لسانه بصورة مباشرا جدا ،، و في لغة تفرط أحيانا في الرمزية و أحيانا تفرط في اللجوء للمفردات القوية التي ربما لا تتناسب مع شخصية درويش هو الحكيم كما اعتقد من خلال عرضك له .


/

عايده
10 / 9 / 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق