فرااااااغ

فرااااااغ

الجمعة، 12 يونيو 2020

قراءة في نص (روح) للمبدعة عايده بدر / جوتيار تمر







للروح
ألف نافذة في وجه الليل
موصدة
لا يزعجها في مرقدها
سوى
عواء ذئب ينتظر
غفلة خيط الفجر
لـ يلتهم ما تبقى من القلب
متى تشرق الشمس
لتفتح نوافذ الروح !!!

عايده
9-9-2009



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قراءة في نص ( روح) للمبدعة عايده بدر / جوتيار تمر

روح

لانهاية توجب التأمل، للبحث في كينونتها ورؤاها وامكانية حصرها ضمن اطر زمكانية.

للروح

اللام هنا تؤثث وتمنطق ماهية الروح، لتخلق تماهياً واضحا بين الدال والمدلول من حيث الانسياب والتوجه، فالروح في العنوان لاسبيل لتأطيرها، او حتى حصرها، لانها اشبه بالكل ضمن الكلية، لكن في (للروح) فسحة من اجل تثبيت مكامنها ومعلمها، باعتبارها نابعة من معين شخصي ذاتي، تمثل روح الشاعرة.

ألف نافذة في وجه الليل
موصدة
المبالغة العددية هنا ليست ملزمة من حيث التجسيد البنوي للقصيدة/ الومضة هذه، وهي في الوقت نفسه ليست تجسيداً حسياً يمكن ملامسته، لكنه مزج لغوي صوفي يستعير العددية لاضفاء قيمة دلالية على وضعها الجواني، ولعل وقفة الشاعرة التأملية مع الذات تظهر بشكل جلي في اقحام الليل ضمن صيرورة الروح، فالروح تستكين ليلاً للراحة وعندها تبدأ رحلة التأملات والتفكير، والجميل في الامر بأن النص يوحي لنا عكس ما يمكن تتمناه الروح في الليل، حيث تصطدم بغلق مسالك الراحة، فتضيع ضمن دوائر الانتماء الحسية والوجدانية.

لا يزعجها في مرقدها
سوى
عواء ذئب ينتظر
غفلة خيط الفجر
لـ يلتهم ما تبقى من القلب
عندما ننفي شيئاً نخلق نقيضه كحتمية واردة، وهنا لم تؤدي اللام دورها في هذا المضمار التشكيلي فحسب، بل الزمت النقيض كضرورة لتبرير الفعل في اصله، وهذا ما اوجب امرين: الاول: اظهار معالم الروح في متسوياتها الجوانية والتصويرية باعتبار (مرقدها) تحديد مكاني مجازي، والثاني: السببية في حتمية النقيض، المكمل للدالة التي الزمتها ال(لا)، وهنا كان لابد من الاستعانة بمدلول يضفي حركية تكون بمستوى النفي الاول، فجاءت اللغة لتبرز قيمة الفعل والعلة معاً، حيث عواء الذئب ليس الا ممراً لبناء مشهدي لاتكمن قيمته في الصورة الظاهرة، انما فيما وراء الصورة نفسها، حيث الغفلة، ويكمل مشهدها الالتهام الغير مجزء، انما المكمل للسابق مما يفرض استمرارية الفعل قبل واثناء، الامر الذي يعطي بعداُ زمنياً للفعل نفسه.

متى تشرق الشمس
لتفتح نوافذ الروح !!!
هذا التغير الذي حصل على مسار اللغة والصورة الشعرية في هذه الومضة، لم تكن ضرورة، الظرفية القائمة هنا دخيلة، تكاد تظهر بمظهر الاصطناع التام، وربما شاب القصيدة في ختمتها، على الرغم من ايحاءاتها التي تؤثث لعوالم الاملية.
جوتيار تمر
11-9-2009

الجمعة، 5 يونيو 2020

رؤية في نص (صمت) للمبدعة عايده بدر / جوتيار تمر







رؤية في نص (صمت) للمبدعة عايده بدر / جوتيار تمر



سآوي إلى الصمت ليعصمني
فثمة حفار للمساءات
يؤذن ببدء عهد جديد للموت
أتكور الآن في ثقب النجم



منحت السماء حبر قلبي
فتنمرت الأرض
ألم نقطع عهداً بالدم !!!
أليس الموت في الأرض!!!



لم يكن الليل يعلم وقتها
أن زائراً للعتمة
سيفتح ستائر الوقت
و يطوي بسط النجوم
فيسقط سقف الأرض



سآوي إذن إلى الصمت
فثمة حفار للمساءات
يحصد أرواح النجوم
و يسكب فيها حبر السماء


عايده

13-11-2009




**********************


الرؤية / جوتيار تمر


اشتغال جميل على المستويين البلاغي والتشكيلي، اثمر نصاً مكثفاً مختزلاً للكثير من الدلالات والصور
ومانحاً في الوقت نفسه مجالاً لتعددية تأويلية ممكنة ضمن حراك النص.
صمت ،،،
اشكالية رصد مدلول (صمت) تبدأ من الفعل نفسه المجرد نفسه، مما يخلق لدينا زوبعة من الافكار التي تتجه كلها صوب ممر واحد، وهو (صمت) نفسه، لأن الصمت هنا يقرأ حسب النغمة او لنقل حسب الوقع السمعي اكثر من البلاغي والصوري، لذا فهو يترك اثره على جميع الاصعدة، والاشكالية تمنحها فعالية مزدوجة.

سآوي إلى الصمت ليعصمني
فثمة حفار للمساءات
يؤذن ببدء عهد جديد للموت
أتكور الآن في ثقب النجم
استهلال بما هو ذاتي، مع استنعانة واضحة بمحاكاة وجدانية تحفر عميقاً في الجواني، الشعور بالوحدة يمتزج بالقلق يزيد النفس وجعاً، وتوتراً، المثير في هذا المقطع اللغة المتسلسلة من حيث التوتر الحاصل قبل الكتابة جراء فعالية الصمت ،ومن ثم التوتر الحاصل جراء مفعول الصمت على الحس، ومن ثم تأثيرات الصمت الداخلية والخارجية جراء استمراره، مما اوجب على الشاعرة اتخاذ موقف من الذات ومن المحيط وربما من الاخر، فكان الموقف هذا ايذاناً بنقلة موضوعية في سير الحدث الصمتي نفسه، وقد وظفت الشاعرة معجمها اللغوي بصورة ايحائية واضحة لم تتوارى خلف الغموض لتبوح بما في النفس، اثارني حرف (الياء) في مدخل النص وجدته يدل على هذا الحضور المكثف للذات.

منحت السماء حبر قلبي
فتنمرت الأرض
ألم نقطع عهداً بالدم !!!
أليس الموت في الأرض!!!
الابقاء على الذات كمحور اساس في النص عمل يستحق الاشادة هنا، لأنه خلق وحدة النص العضوية، مع اعطاء دالة ( صمت) الاستمرارية بفعاليتها على المستويين الداخلي الخارجي، وهذا ما نجد الشاعرة تحاول ان تمنحنا اياه من خلال لغتها التصويرية في هذا المقطع، وما اضاف جمالية للنص هوا لانسيابية التي اعطته بعداً اخراً انزياحياً، تفتح افاقاً صوفية مفعمة بالتساؤل، والعهد والموت هنا رافدان يمدان الصمت حيويتها وفعاليتها.

لم يكن الليل يعلم وقتها
أن زائراً للعتمة
سيفتح ستائر الوقت
و يطوي بسط النجوم
فيسقط سقف الأرض
تتسمر اللغة على عتبة باب الذات، وها قد اصابتها الحيرة جراء عمق تأثير الصمت في الجواني من الشاعرة، فتحولت نبرتها الى ما هو اشبه بشكوى ضمنية، او محاولة قص ما يحدث، ولعل ذلك ما اوحى في برهة بأن اللغة استغنت قليلاً عن شعريتها المحضة لتلبس ثوب التقريرية، لكن دون ان يخرجها من ايقاعها الشعري العام، وما اثارني في هذا المقطع هو ما يحاك خلق الظاهري من الكلمة، وكأني بالذات الشاعرة هنا تتأمل بلغتها آمال بعيدة، وتبحث عن نبوءة اخرى تعيد تشكيل الحياة بصورة اخرى ، ف(زائراً) انما يعبر عن الحالة و(سيفتح) انما له مدلول الاستمرارية.

سآوي إذن إلى الصمت
فثمة حفار للمساءات
يحصد أرواح النجوم
و يسكب فيها حبر السماء
العودة الى الذات كمحور مكمل ومتناسق للعملية الشعرية، لااقول بانها عودة ملزمة وضرورية، لكنها منحت النص التلازمية الضرورية من اجل استكمال المشهدية الصمتية الحاصلة منذ بدء النص، وقد حاولت شاعرتنا هنا ان تختم النص بما بدأت به، لكنها وقعت في اليأس المطلق، مع ان النص في بعض مراحله كان ذا ايحاء أملي واضح، وربما هذا ما اوجب عليها ان تستعين بهذه الصورة الشعرية المتوحشة في ختم نصها به.
جوتيار تمر
15-11-2009