فرااااااغ

فرااااااغ

الجمعة، 5 يونيو 2020

رؤية في نص (صمت) للمبدعة عايده بدر / جوتيار تمر







رؤية في نص (صمت) للمبدعة عايده بدر / جوتيار تمر



سآوي إلى الصمت ليعصمني
فثمة حفار للمساءات
يؤذن ببدء عهد جديد للموت
أتكور الآن في ثقب النجم



منحت السماء حبر قلبي
فتنمرت الأرض
ألم نقطع عهداً بالدم !!!
أليس الموت في الأرض!!!



لم يكن الليل يعلم وقتها
أن زائراً للعتمة
سيفتح ستائر الوقت
و يطوي بسط النجوم
فيسقط سقف الأرض



سآوي إذن إلى الصمت
فثمة حفار للمساءات
يحصد أرواح النجوم
و يسكب فيها حبر السماء


عايده

13-11-2009




**********************


الرؤية / جوتيار تمر


اشتغال جميل على المستويين البلاغي والتشكيلي، اثمر نصاً مكثفاً مختزلاً للكثير من الدلالات والصور
ومانحاً في الوقت نفسه مجالاً لتعددية تأويلية ممكنة ضمن حراك النص.
صمت ،،،
اشكالية رصد مدلول (صمت) تبدأ من الفعل نفسه المجرد نفسه، مما يخلق لدينا زوبعة من الافكار التي تتجه كلها صوب ممر واحد، وهو (صمت) نفسه، لأن الصمت هنا يقرأ حسب النغمة او لنقل حسب الوقع السمعي اكثر من البلاغي والصوري، لذا فهو يترك اثره على جميع الاصعدة، والاشكالية تمنحها فعالية مزدوجة.

سآوي إلى الصمت ليعصمني
فثمة حفار للمساءات
يؤذن ببدء عهد جديد للموت
أتكور الآن في ثقب النجم
استهلال بما هو ذاتي، مع استنعانة واضحة بمحاكاة وجدانية تحفر عميقاً في الجواني، الشعور بالوحدة يمتزج بالقلق يزيد النفس وجعاً، وتوتراً، المثير في هذا المقطع اللغة المتسلسلة من حيث التوتر الحاصل قبل الكتابة جراء فعالية الصمت ،ومن ثم التوتر الحاصل جراء مفعول الصمت على الحس، ومن ثم تأثيرات الصمت الداخلية والخارجية جراء استمراره، مما اوجب على الشاعرة اتخاذ موقف من الذات ومن المحيط وربما من الاخر، فكان الموقف هذا ايذاناً بنقلة موضوعية في سير الحدث الصمتي نفسه، وقد وظفت الشاعرة معجمها اللغوي بصورة ايحائية واضحة لم تتوارى خلف الغموض لتبوح بما في النفس، اثارني حرف (الياء) في مدخل النص وجدته يدل على هذا الحضور المكثف للذات.

منحت السماء حبر قلبي
فتنمرت الأرض
ألم نقطع عهداً بالدم !!!
أليس الموت في الأرض!!!
الابقاء على الذات كمحور اساس في النص عمل يستحق الاشادة هنا، لأنه خلق وحدة النص العضوية، مع اعطاء دالة ( صمت) الاستمرارية بفعاليتها على المستويين الداخلي الخارجي، وهذا ما نجد الشاعرة تحاول ان تمنحنا اياه من خلال لغتها التصويرية في هذا المقطع، وما اضاف جمالية للنص هوا لانسيابية التي اعطته بعداً اخراً انزياحياً، تفتح افاقاً صوفية مفعمة بالتساؤل، والعهد والموت هنا رافدان يمدان الصمت حيويتها وفعاليتها.

لم يكن الليل يعلم وقتها
أن زائراً للعتمة
سيفتح ستائر الوقت
و يطوي بسط النجوم
فيسقط سقف الأرض
تتسمر اللغة على عتبة باب الذات، وها قد اصابتها الحيرة جراء عمق تأثير الصمت في الجواني من الشاعرة، فتحولت نبرتها الى ما هو اشبه بشكوى ضمنية، او محاولة قص ما يحدث، ولعل ذلك ما اوحى في برهة بأن اللغة استغنت قليلاً عن شعريتها المحضة لتلبس ثوب التقريرية، لكن دون ان يخرجها من ايقاعها الشعري العام، وما اثارني في هذا المقطع هو ما يحاك خلق الظاهري من الكلمة، وكأني بالذات الشاعرة هنا تتأمل بلغتها آمال بعيدة، وتبحث عن نبوءة اخرى تعيد تشكيل الحياة بصورة اخرى ، ف(زائراً) انما يعبر عن الحالة و(سيفتح) انما له مدلول الاستمرارية.

سآوي إذن إلى الصمت
فثمة حفار للمساءات
يحصد أرواح النجوم
و يسكب فيها حبر السماء
العودة الى الذات كمحور مكمل ومتناسق للعملية الشعرية، لااقول بانها عودة ملزمة وضرورية، لكنها منحت النص التلازمية الضرورية من اجل استكمال المشهدية الصمتية الحاصلة منذ بدء النص، وقد حاولت شاعرتنا هنا ان تختم النص بما بدأت به، لكنها وقعت في اليأس المطلق، مع ان النص في بعض مراحله كان ذا ايحاء أملي واضح، وربما هذا ما اوجب عليها ان تستعين بهذه الصورة الشعرية المتوحشة في ختم نصها به.
جوتيار تمر
15-11-2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق