فرااااااغ

فرااااااغ

الاثنين، 16 مارس 2020

رؤية في نص -بحر الندى- الاديب المسرحي نعيم الأسيوطي / عايده بدر




بحر الندى

مع كل صباح تتساقط حبات الندى تروي عيدان الأرض الخضراء إلا نبات الوحدة .
فسالت أبى عن اسمه فقال : نبات .. نبات ........
فربطت بينه وبين انساب البشر – وقلت لنفسي : العرق يمد لسابع جد . فغمرني أبى بأصابعه الغليظة في قلبي .. فتألمت .. وسقطت من عيني قطرات من الدموع بلون حبات الندى ولكنها لم تسق عيدان الحزن المتشعبة مثل نبات الهلوك في قلبي ويشق طريقه ببطء إلى عقلي .. وبعد لحظات أزعجني صوت حانوتي البلدة : وحدوه .. وحدوه .. إنا لله وإنا إليه راجعون .
فأحسست أن الموت يلمس جسدي وتمنيت أن أودع كل من كرهني .. فهبت ريح باردة .. أصبت على أثرها ببنج النوم .. ورأيت كابوس عمري ينتهي بثلاث موتات : ذبحة .. سكتة .. جلطة . والناس حولي يشيرون إلى عيدان الأرض اليأبسه .. ولم يوقظني من هذا الكابوس المزعج إلا صوت أبى : هتطلع الجبانة وراء المرحوم .. ها .. هتطلع .. ولا ....
فتركت أبى وأسرعت إلى ارض الله لعلي أجد حبات الندى لتغسل حزني داخل ارضي .. فرفعت كفي إلي السماء كي التقط حبات الندى .. فتسلل ضوء الشمس إلى عيني .. فاستيقظت .. وضحكت وبكيت .. وما زلت ابكي وأضحك حتى شق الندى بحرا داخل ارضي .. بل قلبي .

***
( القصة الفائزة بالمركز الأول عن مسابقة شهر رمضان )
نعيم الاسيوطي
مساء الأربعاء
12/11/2008










القراءة // عايده بدر


ككل صباح يأتي و يمر ...يظل النبات في انتظار الندى ... هل تصلح للنبات حياة دونه و هل يقوى الندى على ألا يلامس خد الورد هنا أو يداعب أنامل النبات هناك ... يستحث الشمس ألا تظهر الآن بأشعتها فتخطف من الندى بهائه و تزيد من شقاء النبات ...

ككل صباح ينتظر هو قطرات من الندى تحمل بشرى اخضرار الأيام إلى قلبه .. يتأمل ما حوله هذا نبات الوحدة لا يصل إليه الندى .. هل رفض الندى أن يلامس بحنان هذا النبات القاسي أم أن هذا النبات كالبشر نافر دائما و بعيد عمن حوله أم الإثنان معا رفضا أن يلتقيا فلا سبيل لقلب تصحر و اكتسح الجليد أرضه و سماؤه .....

هو يتأمل و يربط بين النبات و البشر و هل كنا إلا نسيج واحد الروح التي تحملنا واحدة لنصنع لوحة الوجود ... ليكتمل بنا البناء ... لنسد فراغات العدم بين الأحياء على أرض تصحرت من الغربة و الوحدة و الشقاء....

الموت هو ما يمزق ستر الحياة ... يبعد الأحباء نعم ... يفرق المجتمعون صحيح و لكنه احيانا يهب الحياة للبعض الآخر فيعيدون من خلاله اكتشاف أنفسهم من جديد ... من جنازة للغريب تمر أمام عينه تذهب معها روحه لحلم يرى نفسه هو الغريب السائر نحو الموت ... تتعدد الوسائل " جلطة - ذبحة - سكتة " هل هي مصادفة أن تكون كلها أمراض لا تصيب إلا القلب ؟ موطن نبات الحزن ؟ و الناس يشيرون لعيدان يبست في الارض
و هو يشير لعيدان يبست في القلب ؟ أما كانت الجنازة السائرة أمامه هي من حركت حلمه في منامه أو يقظته في حلمه أو حلمه في يقظته ... هنا اختلاط الحلم باليقظة لم يعد هذا حلم و هذه يقظة هناك وحدة تجمع بينهما ... هناك شعور يسري في القلب بالجفاف و رغبة في سقيا من الندى لعلها تنقذ هذا القلب أخيرا من الإصابة بالتوقف عن الحلم .......

لا تبحث الأرض الميتة عن سقيا و لا القلب الميت كذلك فإذا بحثت و اشتاقت لهذه السقيا فهذه الأرض حية تعيش و إن كان الجفاف يهدد أمنها
كذلك القلب طالما يشتاق إلى الندى فهو حي و إن انتشر فيه الهالوك و ضرب أرضه الجفاف و لكن هنا ليسقي أرض قلبه كان لابد له من مزيد من غرق القلب ... بالدموع ... وحدها تعرف كيف تحي الأصفر و تمنحه اخضرار الحلم .....

وحدها قطرات الدمع تغسل القلب و ترويه كما يروي الماء الأرض و يبث فيها ركائز الحياة مع كل انهمار للدمع تشرب القلب شعور الحياة ... مع كل سقيا للأرض تشرب الأرض شعور الحياة لذلك لا عجب أن يحيا النبات بداخل قلبه حينما يتوجه لأرض الله ...

الأرض التي تحمله ...و الارض التي انجبته ...و الأرض التي تحتضنه ... و الأرض التي تزرع بداخله كل ما يعرف ..............هي الأرض هي المرأة هي الحياة و هي الموت أيضا حين تصفر و تتشقق

و هو هناك حيث الأرض ... حيث الشمس ... حيث الندى يسقي بوار الشعور بالحياة في قلبه ليحمل معه شعور الوجود ... يعدو ليكون موجودا ... يعدو نحو الأرض الخضراء ... يفتح قلبه ليستقبل الآن الندى الذي بدأ يشق طريقا في قلبه ... الآن الندى يتجمع ليصبح بحرا يسقي منه جدباء القلوب و الأرواح........ليصبح هو و الأرض و الموت وحدة لا تتجزأ و كثرة تعرف كيف تتوحد ......

أستاذي الراقي
نعيم الأسيوطي
ممتع الغوص في بحر الندى و لعلي أفلحت
في لوحاتك الفنية التي ترسم بالكلمة
تلجأ للرمز و تخيطه بنسيج الحدث فيبدو البعيد قريبا
و الربط بين النبات و الإنسان و الوجود ثلاثية أجدت تضفيرها
لتصنع منها جديلة العمة بهية ... جديلة الأرض ...و عدمية الموت
هنا ليست عدم كما نتخيل هي العدمية التي تمنح الحياة لتصنع هذا البحر
الأرض لديك أستاذي هي محور الحياة منها و إليها تخرج و تعود
و الأرض هنا ليست أي أرض هي الأرض الخضراء
أرض الجرف... أرض الحياة و أرض الموت هي أنت
بكل ما يمكن أن تمثله لك الأرض ...

القصة من حيث المضمون بلغت فأوفت حقا
يتبقى الشكل و القالب هنا لي وقفة أستئذنك فيها :
الأسلوب هنا لم يكن من التمكن الذي رأيناه في قصصك الأخرى
و ربما هذه القصة بذلك الأسلوب تعتبر من أوائل ما كتبت
فالحبكة تضعف أحيانا و المباشرة ربما تغلب على بعض العبارت فيصبح الطرح هنا مباشرا بصورة واضحة ...لكن ما يحسب لك أنك استفدت من التفاصيل التي قدمتها هنا فلم نشعر بثقل هذه التفاصيل و كذلك اللغة تحتاج إلى بعض تدقيق و تكثر هنا استخدام حروف العطف خاصة حرف " فـ" و هذا ربما يجعل القارىء يلهث أحيانا وراء الحدث رغم أنك بالتأكيد كنت ترمي لعدم تسرب شعور الملل لديه ....


عايده بدر
9-10-2010





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق