فرااااااغ

فرااااااغ

الاثنين، 12 أغسطس 2013

قراءة في نص الحلم و النهر و الحنظل للمبدع محمد نديم علي / عايده بدر

 
 
 
الحلم والنهر والحنظل

محمد نديم علي - مصر

(1)
أشهد أنها قصة حب نارية.. امتدت خلال سنوات ثلاث قضياها معاً جنباً إلى جنب, في العمل صباحاً وفي الشارع مساء, يبحثان عن وظيفة إضافية دون جدوى. أما البحث عن مسكن فالتفكير فيه كان ضرباً من الجنون.
وعادة ما كان ينتهي بهما الأمر إلى التسكع اليائس على أرصفة ( كورنيش النهر الكبير), يحصيان بدقة ما تبقى من عملات معدنية, ويزدردان الأطعمة الرخيصة, ويستمعان إلى أغنيات حب شعبية, ويندمجان في حشد المارة, ويتبادلان الحلم, والشوق لهب في العيون, وأجياد الرغبة تتراكض في العروق. فيسترقان في ظل الشجرالعجوز شيئاً من الهمس المتقطع, ويختلسان اللمس المرتعش, ويخطفان قبلة خجولة خائفة, ويلتهمان الترمس المشبع بالملح.
(2)
كان يهذي: أنا ؟ أنا لم أقصر معها في شيء.
- أشهد أنك قمت بما عليك, أؤكد أن المسكينة قد التهمت ما يقرب من طنين من الترمس.
(3)
- نعم , على الحكومة أن تجد حلاً.. وأن..
- لا تحمل الحكومة أكثر مما تحتمل, ألا يكفي أنها تستورد لكما الترمس؟
( الفقراء كابوس على قلوب الولاة, فلا يستطيعون بسببهم التمتع بمباهج الحكم)
(4)
الأيام تذوب كالملح في الأفواه... والأحلام تنفخ العقول، كما ينفخ البطون هذا الترمس. والألسن لا ترحم, والأم ينزف قلبها حناناً ودماً، فقد يمتد صهيل الرغبة إلى حافة الخطر, والربيع لا يدوم طويلاً في أرضنا, فسرعان ما ينبت شجر الحنظل.
(5)
دَقَّ البابَ . فُتح الباب مواربا على غير العادة، أطل نصف وجه لطفلة خائفة.
- أخبريها أنني أنتظر... في الأسفل.
- سافرت.
- إلى أين؟
- عند خالتها.
(6)
جاءني مهرولاً حانقاً : خائنة!... لماذا أخفت عني أن لها خالة؟!!
(7)
مع بقال الحي العجوز الذي توسط له في الخطبة يوما ماً، أعادوا له هداياه التافهة, ورحلوا.
اختفت أسرتها من الحي كله, ثم ظهرت فجأة. أما هي فقد تلاشت.
(8)
في الربيع يكون التزاوج بين البراعم والأزاهير, والفراشات الرقيقة. أما على ضفافنا, فالربيع مختلف تماماً, فالشجر المتوحش العجوز الضارب بجذوره المتشعبة في قلب البلاد, ينتشر بكثافة لمجرد أنه قادر على إنتاج الحنظل بكميات تجارية.
(9)
كان يمشي إلى جانبي شارد الذهن ونحن نلتهم قراطيس الترمس المر في ظلال الشجر العجوز المهيمن.
كان يهذي بصوت مسموع : رأس البلاء الحكومة ,لأنها تستورد الترمس المغشوش.
تناهت إلى مسامعنا أغنية حب شعبية, بدا وكأن جهاز التسجيل لا يعمل بكفاءة, فترددت الأغنية كحشرجات ألم في الفضاء المحيط.
(10)
كان طعم الملح زاعقاً في أفواهنا, ونحن نسير بلا هدف وسط الحشود الهائمة ,على حين انتشر باعة الحنظل الذين كانوا ينادون الناس إلى بضاعتهم بحماس شديدعلى (ضفة النهر الهادر الكبير).



القراءة / عايده بدر



الفاضل
محمد نديم علي
أهلا بك
نص قوي جدا رغم ابتعاده عن الرمزية التي شغلت حيزا كبيرا فى نصوصك السابقة ،، النص هنا مباشر و بعيد عن الرمزو لكنه يحمل في طياته مدلولات و اسقاطات كثيرة و يهدف إلي إلقاء الضوء على مشاكل مجتمعنا بشكل كبير.

شاب و فتاة لا يجمعهما الحب فقط بل جمعتهما من قبله الظروف المحيطة بهما في العمل و في السعي الدؤوب للبحث عن عمل إضافي يعينهما على متاعب الحياة ،، لا حلم مترفه بالبحث عن مكان يجمعهما، تمضي الأيام و لا تتبدل الأحوال حتى يأتي اليوم الذي لا محال آت تتزوج هي و تتركه عرضه للإحباط و الشعور بالخواء.

و يبدو أن صدمته في تركها له قد أثرت على توازن عقله فراح يهذى من حين لآخر ببضع كلمات يلعن فيها الأسباب الحقيقية وراء غدر من أحبها ذات يوم و رحلت عنه .

-الحق أن النص مشهد كامل تتقطعه حوارات عالية و قد وظفت هنا دور الراوي بشكل مغاير حيث جعلته الطرف الثاني فى الحوار ، بينما صورة البطلة تختفي و تظهر حسب الحاجة إلى ظهورها .
-ربما تكون الفكرة معتادة و لكنك هنا قدمتها بتناول مختلف فلم تفرض على القارىء نهاية معتادة فمن بداية القصة و صاحبنا يهذي إلى آخرها صاباً جام غضبه على كل الأشياء من حوله محملها مسئولية ما حدث له و ما يحدث لغيره من إنهيار الحلم .

هناك عبارات لك استوقفتني كثيرا من فرط تركيزها و صدقها :
* ( الفقراء كابوس على قلوب الولاة, فلا يستطيعون بسببهم التمتع بمباهج الحكم)
* الأيام تذوب كالملح في الأفواه... والأحلام تنفخ العقول
* كان طعم الملح زاعقاً في أفواهنا, ونحن نسير بلا هدف وسط الحشود الهائمة ,على حين انتشر باعة الحنظل الذين كانوا ينادون الناس إلى بضاعتهم بحماس شديدعلى (ضفة النهر الهادر الكبير )

و كأنما كتب على الناس طعم الملح الذي يتحول بعد الربيع ليصبح حنظل
فما بين الملح و الحنظل تتهاوى أحلام الناس .
* رأس البلاء الحكومة ,لأنها تستورد الترمس المغشوش * هنا يلخص الكاتب وجهة نظر البطل بعد يأسه من أن تعود حبيبته .


الفاضل
محمد نديم
قصتك رائعة في مصداقيتها و بساطتها
أسلوبها قوي و صورها عاليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق